التسميات

حوار الله تعالى مع آدم وحواء / إدريس أوهنا


آيات وتأملات

 حوار الله تعالى مع آدم وحواء


نص الانطلاق:
قال الله تعالى:
]فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ.قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ.قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ.قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ[([1]).

تدبر ونظر:
أغلى ما نستفيده من هذا الحوار بين الله سبحانه وتعالى، وبين أبوينا آدم وحواء، تلك المراجعة الصريحة للذات، أو ما يعرف في الأدبيات المعاصرة بالنقد الذاتي، على طريقة أبينا آدم وأمنا وحواء في اعترافهما بخطئهما: ]قالا ربنا ظلمنا أنفسنا[، وهو ما يحتاجه المسلمون اليوم، جماعات وأفرادا، في حواراتهم حتى تكون هذه الحوارات نافعة وهادفة تدفع بعجلة المشروع الحضاري إلى الأمام، وتضع حدا لأشكال العناد والتوتر والتعصب والتمادي في الخطأ، مما يوسع الهوة ويبعد الشقة بينهم،  ويزيد من تكريس واقع التشرذم والتفرقة والانقسام في صفوفهم، فلا تجتمع لهم كلمة ولا تتوحد لهم إرادة في تجاوز مشاكلهم وخلافاتهم ومواجهة التحديات التي تقف في طريقهم. فإذا كان الاعتراف بالخطأ فضيلة، كما شاع منذ القدم، فإنه في وقتنا الحالي يعتبر حاجة حضارية ملحة، يجب أن يضطلع بها السياسيون والمفكرون والمثقفون... من أجل وضع الخطوة الأولى في طريق معالجة الأوضاع المتردية لمجتمعاتنا، والانتقال إلى حالة من التجانس الثقافي والمرجعي، على أساس نخل مختلف التصورات، والوقوف، بشجاعة وصراحة مع الذات، عند الثغرات -المعسولة أحيانا- التي تخيم على أدبياتنا، وتُفَسِّر حالة التجزئة الثقافية التي نكتوي بلهيبها، وتنعكس -سلبا بطبيعة الحال- على علاقاتنا السياسية والإدارية وغيرها.
إن العملية الحوارية الناجحة تتوقف -من بين ما تتوقف عليه- على التموقع بين طرفي تنزيه الذات وجلدها.. وليس بين هذا وذاك إلا النقد البناء والصريح الذي ينطلق من نقد الذات والاعتراف بأخطائها من أجل تقويمها، قبل نقد الآخر.


[1] - سورة الأعراف، الآيات21-24.

شارك:

0 comments:

إرسال تعليق

ouhna.blogspot.com

موضوع مقترح

موجز السيرة الذاتية

ابحث في هذه المدونة

أرشيف المدونة الإلكترونية

Blog Archive